اعتمدت الحكومة في استجابتها لكارثة الزلزال على مجموعة من الإجراءات والبنى التنظيمية، فولّدت مجموعة من التساؤلات عن ماهية وآليات عمل ومحددات عملها، فكان لا بدّ من إنتاج محتوى معرفي مكتوب أو مرسوم أو مصور يلبي الحاجات المعرفية.

1. المعابر في المناطق المتضررة

ترافقت كارثة الزلزال التي ألمّت بالبلاد بانفجار مصطلحات عديدة تواجهنا كل يوم على القنوات الفضائية والسوشال ميديا، وضمن القرارات الحكومية والتصريحات المختلفة، لذا نطلق اليوم سلسلة توضيحية لمحاولة تفسير العديد من هذه المصطلحات.

نبدأ اليوم بتوضيح مواقع المعابر المختلفة التي تربط المناطق المتضررة من الزلزال بعد أن تكرر كثيراً الحديث عن المعابر المغلقة والمفتوحة خلال الأيام السابقة التي تلت الكارثة.

تنقسم المعابر حالياً إلى نوعين:

* معابر حدودية: مع تركيا.

* معابر عبر الخطوط: تربط مناطق سيطرة الحكومة السورية مع المناطق الخارجة عن سيطرتها، والتي شهدت منذ 2021 وما قبل الزلزال دخول عشر قوافل إغاثية آخرها كان في كانون الثاني 2023 برعاية منظمة الغذاء العالمي WFP وذلك بموجب القرارات الأممية المتعلقة بإدخال المساعدات عبر الحدود وخطوط التماس.

توضح الخريطة المرفقة عدد المعابر في المناطق المتضررة من الزلزال وتوزعها.

2. اللجنة العليا للإغاثة

ضمن السلسلة التوضيحية اليوم سنتحدث عن اللجنة العليا للإغاثة وهي لجنة وطنية، يتم إحداثها في كل الدول كاستجابة لحدوث كارثة أو طارئ، مهمتها تنسيق كل الجهود والعمليات والمبادرات المتعلقة بالكوارث ووضع خطة وطنية موحدة للاستجابة.

في سوريا تمّ إحداث هذه اللجنة في العام 2011، ووفقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء حينها "عماد خميس" رقم 45/م الصادر بتاريخ 20/7/2016 تحددت مهام اللجنة بما يلي:

  • تنسيق الأعمال الإغاثية والإنسانية على المستوى الحكومي (مركزي- مركزي، مركزي- محلي) والتنسيق (حكومي – غير حكومي) والتنسيق (الوطني – الدولي).
  • إقرار رؤية استراتيجية وطنية شاملة يتم إعدادها من قبل هيئة التخطيط والتعاون الدولي بالتنسيق مع الجهات المعنية على المستوى المركزي والمحلي.
  • إقرار الأهداف المرحلية والمشاريع الإنسانية المطلوبة وفق الاحتياجات والأولويات الوطنية.
  • تحديد أدوار الشركاء الفاعلين في العمل الإغاثي والإنساني على كافة المستويات والإشراف عليها.
  •  تتبع تنفيذ خطط الوزارات والمحافظات المقرّة في الرؤية الاستراتيجية الوطنية الشاملة.
  • إجراء عملية تقييم تنفيذ الخطط وفق مؤشرات تضعها هيئة التخطيط والتعاون الدولي وتعتمدها اللجنة.
  • البحث عن مصادر تمويل إضافية محلية ودولية بالتنسيق مع لجنة القرار /51م و/ لعام 2014 ووزارة المالية وهيئة التخطيط والتعاون الدولي لتغطية فجوة الاحتياجات.
  • التنسيق مع لجنة القرار /51م و/ لعام 2014 بما يخص إعادة تأهيل المناطق المتضررة التي أعيد إليها الأمن والاستقرار بهدف إعادة المهجرين إليها وتأمين المشاريع التموينية الكفيلة بعودة الحياة.
  • إصدار تقارير دورية عن الواقع الإغاثي والإنساني.
  • وسمح القرار للّجنة بقبول المبادرات والهبات المقدمة لدعم الجهود الإغاثية، وأن تستعين بمن تراه مناسباً لإنجاز مهامها.

نتساءل اليوم أين خطط اللجنة منذ 2011 حتى الآن؟ أين تقاريرها وأين استجابتها لكارثة الزلزال الوطنية التي ألمّت بالبلاد؟ أين جهودها وفعاليتها؟

3. الصندوق الوطني للكوارث

حضر بقوة كضرورة منذ اليوم الأول للكارثة، وطالبت حركة البناء بإحداثه ضمن بيانها الأول الصادر في السادس من شباط، لنسمع عنه بشكل رسمي لأول مرة في رابع أيام الكارثة عندما أقرّ مجلس الوزراء إحداث صندوق لإعادة تأهيل المناطق المنكوبة.

ويؤسفنا أنّ الصندوق لم يكن له وجود واقعي قبل الزلزال وحتى اليوم هو واقعياً غيرموجود، فمثل هذا الصندوق بحاجة لمرسوم ليتم إحداثه، كما أنه بعد البحث في التشريعات السورية لم يتم العثور على أي نص قانوني يُعرّف مصطلح "المناطق المنكوبة" أو يحدد تبعات الإعلان عنها والمستند القانوني لتمويل عمليات الإغاثة وتعويض المتضررين ضمنها، وتالياً ليستند عليها إحداث الصندوق، وحتى قرار إحداث اللجنة العليا للإغاثة الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء لم يتضمن توضيحاً عن كيفية تأمين تمويل قرارات هذه اللجنة.

وعادةً يتم إحداث الصندوق الوطني للكوارث في العديد من الدول للاستجابة للكوارث التي قد تصيب البلاد، بهدف إعادة تأهيل المناطق المتضررة وتعويض المتضررين. ويتم تمويله بشكل أساسي من موازنة الدولة وفقاً لخطة الحكومة، إضافة للتبرعات والمنح المقدمة للدولة من المنظمات والدول والأطراف الداعمة خلال فترة الكارثة.

4. حماية النساء ودعمهنّ خلال الكوارث

مطلب وأولوية للكثير من المنظمات الدولية والناشطين/ات المدنيين/ات بعد الزلزال لذلك نتناولها ضمن السلسلة التوضيحية لليوم.

ربما لاحظنا جميعاً كيف استجابت كل الفعاليات الحكومية والمدنية والاجتماعية خلال اللحظات الأولى للزلزال لكل الاحتياجات التي تتعلق بالأمان والغذاء والشراب، ولكن الجميع احتاج يومين أو ثلاثة ليبدأ بالتفكير بحماية النساء واحتياجاتهن المتعلقة بخصوصيتهن.

وهذا ما يحدث غالباً في كل الكوارث والأزمات حيث يتم تجاهل أو نسيان احتياجات النساء والفتيات اليافعات كالخدمات الطبية والمستلزمات التي تخص الدورة الشهرية، الحمل، والولادة إضافة لإهمال الإجراءات التي تحميهن من العنف والتحرش والاستغلال الذي يتفاقم في الأزمات، وعدم النظر للمخاطر والتحديات الطبية التي تحيط بهن نتيجة الاكتظاظ في مراكز الإيواء والاستخدام المشترك للمرافق الخاصة والحمامات، إضافةً لذلك فمن المعتاد أن يتم حرمان النساء من فرصتهن ودورهن في إدارة وتنفيذ أعمال الاستجابة والتدخل، كما أنّ الدعم النفسي والمساندة المعنوية المقدمة للنساء غالباً لا تراعي كفاية مخاوفهن ودورهن الرعائي والأساسي في تقديم الدعم والحماية لأطفالهن خاصة أن أغلب النساء اللواتي تضررن من الزلزال هن معيلات فقدن المعيل في أعمال العنف خلال السنوات الماضية.

وقد أكدت لجنة الأمم المتحدة بشأن سورية في تصريح لها أنه "غالباً ما تواجه النساء والأطفال تزايدَ خطرِ التمييز وسوء المعاملة والاستغلال في أعقاب الكوارث الطبيعية. ومن المرجح أن تصبح العديد من النساء المتضررات من زلزال اليوم المعيل الأساسي للأسرة أو نازحات داخلياً أو كليهما".

وأكدت مديرة منظمة أكشن آيد في المنطقة العربية رشا نصر الدين أن "الإحصائيات تقول أن هناك 130 ألف امرأة حامل، 14 ألف منهن موعد ولادتهن الشهر القادم. والزلزال دمر المستشفيات والعيادات. وعلى الرغم من كون النساء من الفئات الأكثر تأثراً بالكوارث الإنسانية، نادراً ما تُمنح النساء الفرصة لقيادة جهود الاستجابة الإنسانية، وهذا يعني أنه غالباً ما يتم التغاضي عن احتياجات المرأة أثناء حالات الطوارئ ".

هذه الأرقام وغيرها العديد من الإحصائيات والتصريحات توضح أولوية تلبية احتياجات النساء خلال الكوارث وتضمينها في كل خطط الاستجابة، والمناصرة بشكل مستمر في كل المناطق المنكوبة، خاصةً على الصعيد الإغاثي وما بعد الإغاثي، من حيث الإخلاء والإسكان والتعافي وإحياء سبل العيش والحماية من العنف والتحرش والدعم النفسي الملائم والضروري.