المصالحة الوطنية: مستويات وأدوار

تستمر حركة البناء الوطني بجلسات "الأربعاء السوري" التي تتعمق برؤية "شمل نحو المرحلة الثالثة من تاريخ سوريا"، وتناولت الجلسة الثامنة والأربعين في 17 تشرين الثاني عنوان "المصالحة الوطنية : مستويات وأدوار" بحضور مجموعة من الخبراء والناشطين في مكتب الحركة وافتراضياً عبر منصة "زووم" الإلكترونية.


افتُتحت الجلسة باستعراض بعض نماذج المصالحة الوطنية لإنهاء النزاعات التي حدثت في بعض الدول، والتي كانت بمجملها مبنية على توافقات سياسية عسكرية، وبعضها كان انتقامياً كما أنها لم تنتقل للمجال المجتمعي. ومن ثم تم تقديم تعريف إجرائي للمصالحة الوطنية بأنها "مشروع مجتمعي لبناء التوافق الوطني والاعتراف بتعددية المصالح المجتمعية وتمثيلاتها لإنهاء عوائق الماضي وبناء بذور الديمقراطية والشراكة الفاعلة وفق قيم المواطنة المتساوية"

ثم انتقل الحوار لمناقشة المحورالأول المتعلق بالتحديات التي واجهت عمل المصالحة في المراحل السابقة وكان من أبرزها التركيز على التسويات العسكرية، وعدم الانسجام الاجتماعي الناجم عن الدخول في عصر "الدولة"، بالإضافة إلى تفتّت البنى الاجتماعية التقليدية وعدم ترميمها أو إنتاج بنى جديدة، وتفاوت القوة بين الاطراف، وكذلك الوضع المعيشي السيء الناجم عن غياب التنمية المتوازنة، إلى جانب غياب منظومة إعلامية تنقل الأخبار والآراء بمصداقية دون اصطفاف لأطراف النزاع، كذلك محاولات فرض الأيدولوجيات التي نتج عنها خلل في الإنسجام الاجتماعي وصراع البقاء للأقوى، دون إغفال غياب الثقة بين الحكومة والمجتمع.





في المحور الثاني انتقل الحوار إلى الفرص التي يمكن استثمارها للنهوض بعملية المصالحة ودور اللاعبين فيها وفي مقدمتها بقاء "الدولة" كركيزة لإعادة بناء الهياكل المجتمعية من خلال المواطنة والتعريف بالهويات ، والحديث المستمر عن الحاجة إلى الهوية الجامعة في ظل التنوع الذي تتميز فيه سوريا، ودرجة الخطر التي تصيب جميع الأطراف، مع انخفاض درجات التهديد الامني التي تصيب البلاد.

من خلال هذه الفرص قدم المشاركون سلسلة من المتطلبات لإنجاح عملية المصالحة تبدأ من التسويات العسكرية التي لا بد منها للانتقال إلى إطفاء مخاوف الأطراف، ومحاولة جبر الضرر عن المتضررين خلال النزاع، من ثم الانتقال إلى بناء المواطنة الجامعة على أساس عقد اجتماعي جديد قائم على الحقوق المتساوية، من اجل التفرغ للانطلاق بعملية التنمية المستدامة.




وعن أدوار اللاعبين الثلاث (الحكومة- القطاع الخاص- المجتمع المدني) في هذه المصالحة ركزت الآراء على تفعيل الدور العالي للمجتمع المدني لتكوين نخبة أو كتلة تدفع باتجاه التغيير في منطق التفكير العام، والمساعدة في صنع التوافق عبر تقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع وبين المجتمع، وكذلك في عملية بناء الهوية. كما يمكن للمجتمع المدني أن يقود عمليات مصارحة وكذلك بناء سردية الحرب والرواية المستركة عنها، والمساهمة في استعادة الحقوق الثقافية لمختلف الأطراف.

أما الحكومة فلها دور أساسي في قيادة عملية المصالحة من خلال دورها التنموي الموزع إلى دورين أساسيين الأول استخراجي بتنمية قدرتها على زيادة الموارد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والثاني توزيعي من خلال توزيع هذه الموارد بطريقة أكثر تنموية على الفئات المختلفة وعلى المحليات المختلفة بشكل متوازن، أما القطاع الخاص فله دور أساسي في المشاركة بتحديد النظام الاقتصادي والهوية الاقتصادية ضمن العقد الاجتماعي الجديد، والمساهمة بتمويل عملية التنمية انطلاقاً من دعم الاستجابة لحاجات المجتمع الأساسية، وضمان ديمومة العمل المدني من خلال المسؤولية المجتمعية
المجتمع المدني




تفاصيل أكثر حول الجلسة تتابعونها في التقارير المكتوبة والمصورة أدناه