سوريا الى أين:
اقتصادياً
يحيط الخوف من الغد بالسوريين بكل ما يحمله من مفاجآت سلبية، ويزيد تدهور الأوضاع وخاصة الاقتصادية في بلدنا من وطأة هذا الخوف. فإلى أين نحن ذاهبون في سياق هذه الانهيارات المتتالية بالاقتصاد والسياسة وبالمجتمع وقيمه وتماسكه. سؤال كبير ومهم، لكن الإجابة عليه تتطلب عدم الاستسلام للاحباط واليأس، وأن نجلس معاً ونضع توصيفاً دقيقاً لهذا الواقع، وأن نتخيل بكل موضوعية أسوأ السيناريوهات المتوقعة ونفكر ماذا يمكننا أن نفعل تجاه هذه الفرضيات لوقف التدهور الذي نتجه إليه بشكل حتمي قبل فوات الأوان. فعلى الرغم من تأثير المتغيرات السياسية على كل مسارات التنمية في سوريا لابد أننا نستطيع إحداث تغيير إيجابي بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية أو على الأقل بدء التفكير بالممكنات وتخيل المساحات التي نستطيع التأثير فيها.
وفي إطار برنامج الأربعاء السوري أطلقت حركة البناء الوطني في مقرها بدمشق، أمس الأربعاء ٤/١١/٢٠٢٠ أولى جلسات سلسلة سوريا إلى أين ، وخصصتها للحديث عن الجانب الاقتصادي، وذلك بحضور مجموعة من الخبراء الاقتصاديين والناشطين والإعلاميين. افتتحت الجلسة باسترجاع سريع للواقع السوري تاريخياً ، فمنذ سبعينيات القرن الماضي هناك متوالية أو دورة أزمات تتمثل بحدوث توافق سياسي ما، يليه بعض الانفتاح السياسي والاقتصادي وحدوث دفق مالي كبير ونمو في العديد من المجالات، ثم ما نلبث للدخول بحالة انهيار وحصار وضياع الفرص، وبين كل دورة ودورة تتراجع التنمية بشكل كبير.
بعدها تم استعراض مجموعة من المؤشرات الاقتصادية الخطيرة التي أعلنتها الحكومة، أهمها العجز الهائل في الموزانة، تراجع بالواقع الزراعي بسبب الحرائق وضعف تأمين المحروقات والبذار والأسمدة والأعلاف اللازمة للمزارعين، وارتفاع أسعار المواد الأساسية، انخفاض مخزون القمح لمستويات كارثية مهددة الأمن الغذائي الوطني وغيرها. وإضافة للمأزق التنموي الذي تعاني منه سوريا بسبب العقوبات الاقتصادية والحصار والحرب؛ كانت السياسات المالية والمصرفية الفاشلة في سوريا لسنوات طويلة سبباً أساسياً لانعدام الثقة بين الحكومة ورأس المال الوطني الذي شهد تحويلات كبيرة إلى دول الجوار حيث قدمت له تسهيلات بالإيداع والتحويل وكافة الإجراءات المصرفية الأخرى.
فماذا يمكننا أن نفعل؟ إلى أين نتجه؟
هنا ركز الحضور على مجموعة نقاط يمكن أن تقود إلى وضع فرضيات للحل ومنها: أهمية الشفافية من قبل الدولة وفي مؤسساتها، ما يساعد على بناء الثقة مجدداً مع الناس، وإعادة تعريف العلاقة بين الدولة والمواطن وشكل العقد الاجتماعي بينهما وحقوق وواجبات كل طرف. وإيجاد سياسة إقراض فعّالة وسهلة تتيح استثمار الأموال المتكدسة في البنوك العامة دون فائدة.
إيجاد سياسات مالية ومصرفية تقدم تسهيلات تمنح حرية وثقة أكبر للأموال المحوّلة من الخارج وخاصة من المغتربين.
ات
با
ع التخطيط المشترك مع مختلف القطاعات عوضاً عن التخطيط المركزي الذي شلّ الدولة منذ 50 عاماً، وإيجاد هوية اقتصادية خاصة بسوريا ومحددة، والاهتمام بالدراسات المعمقة لكل منطقة في سوريا لتحديد احتياجاتها ومواردها ووضع خريطة للمشروعات المناسبة لها، وأهمية تنشيط الصناعات المتوسطة والصغيرة، وتسهيل منح القروض اللازمة لها، وتخفيف الإجراءات الإدارية المعقدة لترخيصها.
التعامل بجدية وحسم أكبر مع قضايا الدعم عبر رفع الدعم الاجتماعي أولاً وتحويله إلى دعم نقدي للأسر المحتاجة بعيداً على الحلقات الوسيطة. وثانياً دعم المستثمرين السوريين وتشجيعهم.
وأخيراً من المهم أن نؤكد أن طريقة الوصول للحل قد تكون حالياً أهم من الحل نفسه، وذلك عبر إيجاد آلية تفكير وعمل وتغيير جديدة، تحقق #الشراكة بين الدولة من جهة وأصحاب المصالح من السوريين والذين يمثلهم المجتمع المدني والأحزاب والنقابات وغيرهم من جهة ثانية.
تفاصيل أكثر حول الجلسة تتابعونها في التقارير المكتوبة والمصورة أدناه