سوريا الى أين:

 سياسياً

تعيش  سوريا  اليوم بعد قرابة عشر سنوات من الحرب واقعاً جديداً، يحمل تغيرات أساسية في بناه خاصة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتي تترنح تحت وطأة العقوبات والحصار والتغيرات الديموغرافية والسياسية والتي طالت أجزاء كبيرة من سوريا، إلى جانب تأثرها بالصراعات والتحولات التي تعيشها المنطقة ككل. ولا نملك اليوم رفاهية الحديث عن حلول دون البناء على ما سبق، وقراءة المعطيات الجديدة التي تتحدث عن ثلاث سيناريوهات إقليمية موجودة؛ التوجه شرقاً نحو العملاق الصيني، وتعزيز تحالف أستانا الطامح لملء فراغ الشرق الأوسط، أو التحول إلى كتلة الجنوب الاقتصادية الموسومة بالتطبيع.




في آخر جلسات  الأربعاء السوري  لهذا العام، وختاماً لسلسلة  سوريا إلى أين  أقامت  حركة البناء الوطني  بتاريخ 2/12/2020 جلسة بعنوان: (سوريا إلى أين سياسياً .. الاستعصاء السياسي وغياب الحلول) والتي خصصت للحديث عن آفاق الحل السياسي برفقة مجموعة من الخبراء في المجال السياسي والقانوني والإعلامي وناشطين في الشأن العام.

بدأت الجلسة باستعراض ما خلصت إليه الجلستين السابقتين والتي تناولت بشكل مكثف مجموعة من الممكنات الاقتصادية والاجتماعية للحل في سوريا، تلا ذلك الحديث عن الوضع العام لسوريا داخلياً وخارجياً والذي يمكن تلخيصه بحالة تفتت وتدهور وعطالة، وطرح تساؤل أين نحن من كل ما يجري وإلى أين تتجه سوريا سياسياً؟






هنا ركز الحضور على مجموعة محاور:

أولاً: التموضع الدولي والتحالفات الخارجية

أهمية العمل على فك الارتباط بالصراع الاقليمي الدولي حيث أصبحت سوريا ورقة بيد تلك الدول بعد أن كانت لاعباً، كما أظهرت التجارب أن خياراتنا بالتحالف كانت خاطئة وحان الوقت للتفكير بتغييرها، الأمر الذي قد يستغرق عملاً طويلاً، ويحتاج للتفكير ببناء نموذج سوري سياسي كحل مناسب لنا، والتأسيس لمدرسة فكرية جديدة للخروج من هذه الازمة،إضافةً إلى البناء على مدرسة التوازنات التي خبرتها سوريا لعقود طويلة.

ثانياً: التطبيع.. وهل يمثل حلاً؟ 

اختلفت الآراء حول ذلك، منهم من يرى أن أي حل للخروج من حالة الاستعصاء الراهنة لن يمر إلا بحل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً، بينما يرى آخرون أن العروبة والقضية الفلسطينية كانت إرثاً وعبئاً ثقيلاً حملناه طويلاً ولم نستفد منه شيئاً ولم نكن مضطرين على حمله، وهنا لا نتحدث عن عدالة القضية انما ماذا استفدنا وماذا قدمت لنا، ويؤكد البعض أن التطبيع مع العدو أصبح واقعاً ثابتاً للعديد من دول المنظومة العربية، وربما ستصل جميع دول المنطقة إلى هذا الحل يوماً، ويبقى السؤال الأهم هل إذا قمنا بالتطبيع ستحل مشاكلنا ويتغير واقع الحال السوري؟






ثالثاً: الانتخابات

يؤكد الواقع أننا لا نمتلك رأي سوري واحد ولا طرح واحد يناسب كل السوريين بمناطق الداخل والخارج، ولايوجد ضمانات بأن انتخابات 2021 ستحقق ذلك، كما أن السلطة فشلت في استثمار كافة أشكال الانتخابات بالسنوات العشر الماضية لخلق بوابة للحلول، وخسرنا بأننا خلقنا حالة عطالة بأن الانتخابات شأن لا يعنينا وسنحصد نتائج ذلك في المستقبل القريب، بينما يرى البعض أن الانتخابات تجربة ديمقراطية تحتاج استقرار مجتمعي وأن عزوف الناس عن المشاركة مبرر بانشغالهم في السعي نحو لقمة العيش. اقترح الحضور إحداث تغيير بقانون انتخابات مجلس الشعب فالفئة التي فازت لا تمثل الناس حقيقة، وحبذا لو نصل لتغيير قانون الانتخابات الرئاسية بقبول رئيس غير مسلم، وان نصل لطريقة تحقق مشاركة عالية لكل السوريين في الانتخاب داخل سوريا وخارجها.


رابعاً: البحث عن حلول داخلية

يعاني الداخل من حالة عطالة لا تمكنه من إنتاج حلول، ومشكلتنا مشكلة موارد وطريقة إدارة وطريقة عمل، وأن أصحاب المصالح هم من يديرون البلد، ولا يوجد فضاء ولا حريات ولا قوى سياسية يمكن أن تتفاعل مع المجتمع لإنتاج مدرسة سورية تعبر عن سوريا بكل أطيافها وتفضي إلى الحل. علينا أن نطرح على أنفسنا سؤال ما العمل؟ فالأحزاب القديمة مكبّلة، والجديدة منها لم تفعل شيء، والواقع يقول بأن الشأن الداخلي هو الوحيد الذي يعطي قيمة حقيقية لتلمس طريق للخروج من هذه الكارثة.

وعليه يتمثل الحل بالمجتمع المدني كتجمع عابر لكل الايدلوجيا والاديان والاثنيات، وهو القادر على أن يمسك المشعل وأن يكون نواة عمل حقيقي على الأرض، الحل بوجود حالة مجتمعية واعية لذاتها ومشاركة بصنع القرار، قد ينتج عنها أحزاب أو منظمات أو غيرها..، ولكن المهم أن تكون صلبة، أن تكون جناح جديد له هوية مختلفة ولا يُبتلع، وعلى النخب أن تغيّر من طريقة تفكيرها وتتعامل بعقلية وثقافة وأدوات جديدة وإلا فإن كل رهاناتنا على الخروج من هذا المأزق خاسرة. نستحق بذل جهد للخروج بافكار جديدة للحل، والبدء بالتنظير له من اليوم.





تفاصيل أكثر حول الجلسة تتابعونها في التقارير المكتوبة والمصورة أدناه