سوريا إلى أين:
الجلسة التمهيدية
قراءة في الواقع وممكنات الدور المدني
يعد يخفى على احد واقع الحال السلبي الذي تعيشه سوريا من ناحية فقدان الاستقرار والحصار والعقوبات الاقتصادية والجمود السياسي، وغياب أي خطط حكومية لوقف تدهور البلاد من جميع النواحي ما ينذر بوضع مأزقي ملح يجب التعامل معه سريعاً خشية انهيار الدولة، وعليه ارتأت حركة البناء الوطني أن تحمل جلسة الأربعاء السوري الخامسة والثلاثون عنوان "سوريا إلى أين.. قراءة في الواقع وممكنات الدور المدني"، والتي عقدت بتاريخ 9/9/2020 بحضور مجموعة من الخبراء والمختصين والباحثين في الشأن العام والسياسي إلى جانب عدد من الإعلاميين.
بنيت الجلسة على محددين أساسيين هما المسار الخارجي والمسار الداخلي؛ بالنسبة للمسار الخارجي هو مسار ظاهري أساساً وخفّ أثره كثيراً بعد توقف العمليات العسكرية، أما المسار الداخلي فهو معطل لارتباطه بالمسار الدولي، إلى جانب معضلات داخلية بحد ذاتها لها علاقة بقوى الفساد وبيروقراطية الحكومة وعدم وجود رؤية واضحة لكيفية بناء البلد مستقبلاً، ولا يخفى على أحد أن جميع التوافقات السياسية للدول ذات العلاقة بالملف السوري تُبنى على مصالح هذه الدول أكثر من المصلحة السورية.
والأسئلة التي تُطرح اليوم: هل يمكن أن نرى الحكومة السورية تعالج مشاكلها بنَفَس جديد وملامح تفكير جديدة؟ هل الحديث مؤخراً عن التشاركية قابل للتنفيذ؟ وكيف يمكن أن ننقل الحالة المدنية غير المؤثرة إلى حالة موجودة ومؤثرة، هل يمكن للجمعيات ومراكز الأبحاث أن تساهم في مراكز صنع القرار؟ وما هي مساحات التقاطع بينها؟
تم بدايةً استعراض الواقع السوري والذي لا يتيح لأحد إمكانية للتفاؤل، فمنظومة التفكير القائمة حالياً هي نفسها ما قبل الأزمة، والأدوات التي تستخدم اليوم لا تصلح لإدارة الشأن العام، ويبدو أن الوضع الظاهر لنا مشتت للانتباه والحقيقة تجري من تحت الطاولة دون أن نعلمها.
وانقسم الحديث في الجلسة إلى ثلاثة مستويات:
أولاً: مستوى سياسي يتعلق بموضوع الإدارة الذاتية والإسلام السياسي
رأى بعض الحضور أن الزيارة الروسية الأخيرة لسوريا تشير إلى أن الروس لن يساهموا بإعادة الإعمار ، كما كان هناك. رأي بضرورة الانفتاح باتجاه الشمال الشرقي لاستعادة موارد الطاقة واختصار الوقت بعدم انتظار التدخل الخارجي لحل مشاكلنا، والسعي إلى إيجاد نقاط توافق وتلاقي بين الطرفين وإلا فلا شيء سيدفع الأكراد لعقد تسوية والتخلي عن الامتيازات التي حصلوا عليها.
من جانب آخر يعاني المجتمع السوري من خلاف عقائدي كبير في بنيته، وأجمع أغلب الحضور على أنه لا يمكن أن تكون الدولة قائمة على شريعة دينية، وأنه يجب أن تتسم بالعلمانية التي تحترم جميع الأديان.
ثا
نياً: مستوى حكومي يتمثل بالاصلاح الإداري والسياسي:
حيث أكد الحضور أهمية أن يتم التغيير بتروي ووفق خطة استراتيجية، أما التغيير السريع فسيجابه بالمقاومة، علينا البدء بتفكيك المنظومة القائمة وإيجاد أدوات جديدة تناسب الوضع الراهن الذي يتسم بالانفتاح في طرائق التفكير. ولا يبدو حتى الآن ما هو شكل الدولة الذي يسعى إليه مشروع الاصلاح الإداري القائم، ولا إذا كان هذا المشروع قد أخذ بعين الاعتبار القانون 107 لتوزيع الصلاحيات بطريقة لا مركزية في خطته.
ويرى البعض أن كل ما يقال حول الاصلاح الإداري ومحاربة الفساد هي مانشيتات غايتها عدم الاقتراب من التغيير السياسي ولذلك لا يعوّل عليها.
ثالثاً: الحالة المدنية وضرورة مشاركتها وفتح الفضاء لها:
أعرب الحضور عن أسفهم لغياب مصطلح المجتمع المدني من التداول مقابل المجتمع الاهلي، رغم أنه يمكن البناء كثيراً على الحالة المدنية في رأب الصدع بين مناطق النفوذ المختلفة في سوريا، وخلق مساحات مجتمعية وبناء جسور تواصل بين المنظمات والناشطين في مختلف المناطق، كما يمكن عبر تفعيل التشاركية بين الدولة والمجتمع المدني في التخطيط والتنفيذ الوصول إلى نتائج أفضل على مختلف الصعد.
تفاصيل أكثر حول الجلسة تتابعونها في التقارير المكتوبة والمصورة أدناه