"المشهد الأخير" سينما الذاكرة والمصير

يُعد فيلم المشهد الأخير للمخرج إياس المقداد تجربة سينمائية تنطلق من الذاكرة الفردية والجمعية لتلامس أعمق أسئلة المصير الإنساني في ظل التحولات الكبرى. الفيلم، الذي يمزج بين الوثائقي والسينمائي التجريبي، لا يسرد فقط قصة بل يستكشف مفهوم السرد ذاته، وكيف تتشكل الأحداث في الوعي.

يتناول المقداد في المشهد الأخير مواضيع الحرب واللجوء والفقد والبحث عن الهوية والصراع الداخلي للشخصيات، لكنه لا يفعل ذلك بأسلوب مباشر أو خطابي، بل عبر صور ومشاهد واقتباسات من نصوص كتبها شقيقه عروة، تتداخل بين الماضي والحاضر، بين الشخصي والجماعي، مما يجعل الفيلم تجربة بصرية تتحدى السرد التقليدي. وكأن الكاميرا هنا ليست مجرد أداة تسجيل، بل نافذة يطل منها المشاهد على الذاكرة، ويعيد تكوينها مع كل لقطة.

ما يميز الفيلم هو طريقة تعامله مع الزمن، حيث يكسر المقداد التسلسل الزمني التقليدي، ويجعل الزمن أشبه بدوامة تتداخل فيها الذكريات مع الأحداث المعاشة. تتوالى المشاهد بطريقة أقرب إلى تدفق الأفكار والذكريات، مما يعكس حالة الشتات النفسي والجغرافي التي تعيشها شخصياته.

البحث عن النهاية في "المشهد الأخير"
العنوان نفسه يحمل مفارقة: هل هو مشهد النهاية حقاً أم أنه بداية لحكاية جديدة؟ بهذا السؤال المفتوح، يترك المقداد باب التأويل واسعاً، حيث تصبح النهاية في الفيلم انعكاساً لتساؤلات لا تنتهي حول المصير والهوية. لا يسعى المخرج إلى تقديم أجوبة، بل يدعو المشاهد إلى خوض رحلة في الذاكرة والمكان، إلى البحث عن "المشهد الأخير" الخاص به.