مرتكزات وسياسات المرحلة الانتقالية في جلسة الأربعاء السوري

شهدت دمشق مؤخراً سلسلة من الخطوات التغييرية من دون الإعلان عن هدفها والرابط بينها، إلا أن هذه الخطوات مهدت بطريقة أو بأخرى لتحول سياسي في السلطة و الدولة غير واضح المعالم قبل أن تعلن الدخول في "مرحلة انتقالية" ربطتها بمجلس الشعب والحكومة لاحقاً من دون أن توضح الملامح والمرتكزات الأساسية لهذه "الانتقالية"؟! وتوجهاتها؟! ومدى كفايتها مع احتياجات البلاد والظرف الراهن واحتياجات مرحلة التعافي، أو مدى تقاطعها مع مسارات سياسية خارجية وداخلية تنخرط فيها سوريا بشكل مباشر أو غير مباشر؟! إضافةً إلى علاقة هذه التحولات بما يجري في تطورات المنطقة، وغموض ينتظره العالم مع التغير في الإدارة الأمريكية.

بدأت السلسلة فعلياً بصدور مرسوم العفو في عام 2022، لتمتد هذه التحولات إلى بنية السلطة في العام 2023 مع الحديث لأول مرة عن إعادة النظر بـ" دور الدولة" ودور حزب البعث والفصل بينهما، والتحول إلى "حزب حاكم". وعلى صعيد المؤسسة العسكرية أعلن الجيش في حزيران 2024 رسمياً عن جدولة زمنية للخدمة الاحتياطية من ثلاث مراحل هدفها "الوصول إلى جيش متطور يعتمد على المتطوعين"، وفي الجانب الاقتصادي فكان التحول الأبرز إعلان الحكومة السابقة التوجه إلى رفع الدعم وتغيير آلياته، وتوجيه الحكومة الجديدة إلى التركيز على "قطاع عام إنتاجي"، بعد تحولات هيكلية في بنية بعض المؤسسات العامة وتحويلها إلى "شركات مساهمة" ضمن عودة لتبني مفهوم اقتصاد السوق الاجتماعي. أما ما هو متصل بالجانب المدني والمجتمعي تم العمل على تطوير مسودة لقانون الشؤون الاجتماعية والعمل مع الحديث عن تنظيم مختلف للعلاقة بين المؤسسات الحكومية والمؤسسات المدنية، ومؤخراً تم الإعلان عن توجه لتغيير قوانين التجارة والعلاقة مع البنى المدنية للقطاع الاقتصادي.

وحتى الآن لم توضح دمشق رؤيتها للمرحلة الانتقالية ولا هدف هذه المرحلة ولا المرتكزات التي تقوم عليها من وجهة نظرها، وفيما إن كانت الحكومة ومجلس الشعب هما البنيتان الأساسيتان اللتان ستحملان عبء هذه "المرحلة" فقط، كما لم تكشف بعد عن علاقات الارتباط والسببية بين التغييرات التي حصلت خلال العامين الماضيين، ودور السوريين في هذه التغييرات وتوجيهها والرقابة عليها، خاصةً أن هذه التسمية للمرحلة ترتبط في الوعي السوري بمضامين جهود الحل السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة. و تعمقت هذه الإشكالية أكثر بعد حالة عدم الوضوح عن مآل مسارات الانفتاح على دمشق خاصة، عربياً أو تركياً أو أوروبياً، وبعد عدوان غير مسبوق يشنه كيان الاحتلال في لبنان وسوريا طرح أولوية بعض الملفات كاللجوء وغيرها، بعدما تسبب بعودة عدد غير معروف من اللاجئين السوريين من لبنان مع آلاف النازحين القادمين جراء التصعيد، وبالتالي برزت الحاجة إلى معرفة مدى توافق "المرحلة الانتقالية" التي تتحدث عنها دمشق مع متطلبات التعافي السوري اليوم.
لتدفع جملة التحولات السابقة وغيرها إلى ضرورة فهم عنوانها والترابط فيما بينها، وملامح التغيير الذي تقوده دمشق وسياساته وتوجهاته وتلمس الأهداف التي تعمل عليها في "المرحلة الانتقالية" ومدى انخراط السوريين فيها، وتوافقها مع المسارات السياسية واستراتيجيات التعافي، سيما وأن الأمم المتحدة أطلقت في الرابع من تشرين الثاني الحالي خطتها الاستراتيجية للتعافي المبكر 2024-2028 من دمشق، كما تظهر الحاجة إلى التعمق في دور هذه الإجراءات وكفايتها لحماية سوريا من حملات التصعيد، في المنطقة، والدور الأساسي المناط بالمجتمع المدني في كل ذلك.
وبهدف مناقشة هذه الأفكار ووضع ملامح لتصورات الفعل الممكنة، أقامت حركة البناء الوطني الجلسة 80 من برنامج الأربعاء السوري لتطلق فيها مرحلة جديدة من الجلسات تركز على مرتكزات المرحلة الانتقالية وسياساتها بعنوان "مرتكزات وسياسات المرحلة الانتقالية" وضمت الجلسة مجموعة من ممثلي القوى السياسية وخبراء الاقتصاد والإدارة والمجتمع المدني.

وتوزع النقاش على أربع محاور: 
- المحور الأول: ملامح التغيير السوري الحالي: منطلقها وهدفها.
- المحور الثاني: المرحلة الانتقالية: مرتكزاتها وحواملها الاجتماعية.
- المحور الثالث: سياسات المرحلة الانتقالية الموجودة والمطلوبة وآلياتها.

- المحور الرابع: دور المجتمع المدني في تفعيل سياسات المرحلة الانتقالية. 
لتخرج الجلسة ببلورة للمرتكزات الأساسية للمرحلة الانتقالية التي تحتاجها البلاد وبناء تصور عام لمحاور السياسات العامة اللازمة لها، وبعض التوصيات الخاصة بملامح الجلسات القادمة وعناوينها الأساسية.

تفاصيل أكثر حول الجلسة تتابعونها في التقارير المصورة أدناه  

التقرير المصور