تفاصيل المسار
تعتبر الهوية المؤسس الأول لحركة الانسان. فالانسان بهويته الفردية الشخصية يحدد مصالحه ورغباته وطموحاته وأهدافه ودوافع أعماله وتوجهاته، كما تحدد الهوية الجمعية حركة المجموعات البشرية المختلفة وطموحاتها وأهدافها. أما في سوريا، التي كانت عبر تاريخها ميداناً لتعاقب الإمبراطويات وتواليها، فقد انبثقت سوريا الحديثة مترنحة بحدودها المفروضة التي ورثتها الدولة الجديدة مع صراع مستمر على الهوية يركز على وحدات سابقة لوجودها أو على جماعات أوسع منها، الأمر الذي ادى لعدم تشكل الصورة النهائية للكيان السوري والتوافق عليها.
من هنا رفعنا في حركة البناء الوطني أولوية العمل على الوجود السوري إلى أعلى الهرم وعياً منا بأهمية البحث عميقاً في بنية الهوية الوطنية السورية كضرورة تأسيسية تحقق تجاوز أزمة الخلاف والتناحر. فالحركة ترى أنّ أي حل للأزمة السورية وأي محاولة للحفاظ على وحدة البلاد يجب أنْ تُبنى على أساس هوياتي جديد يُعطي للشخصية السورية صفاتها المميزة وقيمها الإيجابية ويسمو بها إلى حالة من الوعي بعناصر الانتماء و الجذر الهوياتي السوري بكافة ألوانه الدينية والعرقية والجغرافية وادراك مكامن قوتها، ودور هذا الوعي في بناء أسس أكثر ثباتا واستدامة لسوريا على مستوى الوطن والأمة معاً.
نعتقد أننا بحاجة لفتح حوارات ونقاش عميق وواعٍ حول ملامح الهوية السورية المتكونة من مجموع الثقافات المحلية والأساس الذي تحدد وفقاً له الهويات وترسم حدودها ومبرراتها الاجتماعية والاقتصادية، والسياق الذي يجب أن نسير فيه كلما تغيرت التعاريف أو ظهرت تمثلات جديدة وأصبحت الهويات التي كانت واعية لذاتها موروثة وإشكالية، وأن نطرح سؤال النهضة وسؤال الانتماء الحر الواعي القائم على أساس المواطنة والعدل والمساواة الذي تشكل فيه الثقافة الجمعية الواعية الحرة عامل الانتماء الأهم. على ان يجري ذلك كله بالعمل المباشر مع الناس والدراسة الوثيقة القرب منهم ومن تجاربهم صيانة لخصوصية السياق والتجربة السورية وحرصا على الوصول إلى مقاربات أكثر عملية وجدوى في التطبيق والممارسة والاستدامة عند التنفيذ في المجالات والمناطق المستهدفة.
الأسئلة الأساسية اليوم هي كيف يمكن بناء هوية وطنية تجمع السوريين ضمن مصالح الوجود والحياة والارتقاء والحلم المشترك، مصالح السعادة والأمان وتحقيق الحاجة الإنسانية لوجود وطن وأمة ومجتمع ينتمي له الإنسان ويعرف نفسه بالانتماء إليه قبل أي شيء آخر؟ كيف يمكن لإنتماءات ماقبل الدولة أن تصبح عامل غنىً وتميز وليست هويات قاتلة؟ وكيف يمكن نقل المصالح من التمترس خلفها للانتقال إلى الهوية الجامعة؟ وما هي الأسس التي تقوم عليها الهوية الجامعة وكيف تؤسس لحياة تشاركية للسوريين ضمن نطاق الدولة؟
يضم هذا المسار البرامج الآتية:
إن العمل على ملف المصالحة والحوار الوطني هو ضرورة وشرط أساسي لتثبيت مخرجات العمل على بقية الملفات الوطنية لما له من دور في تعزيز الشعور بالانتماء وتفعيل المواطنة الفاعلة في ظل نواتج الحرب على مستوى المجتمع ومكوناته. نرى في الحوار السوري – السوري والعمل الناتج عنه الطريق الوحيد للوصول إلى مخرجات مستدامة تخدم وتُعبر عن كل السوريين
ترى الحركة في الثقافة السورية حامل وطني مهم وعابر للاختلاف، وقادر عند استثماره على خلق مساحات وطنية جديدة للقاء والبناء وتعزيز قيم التماسك وبناء السلام والانتماء.
تتميز هذه البرامج بكونها واسعة الأثر قادرة على تغطية مشاريع عديدة مديدة وجامعة وتتميز باستهدافها واستقطابها شرائح واسعة جدا من السوريين وإن أمكننا القول فهي تخاطب الجميع وتخصص مكاناً لكل السوريين.