ملتقى الإدارة المحلية في التعافي المبكر
عانت التنمية في سوريا من مشكلات جمة ليست بخافية على أحد من المهتمين بالشأن التنموي والسوري، وهي مشكلات متأصلة في النمط التنموي السوري وليست وليدة الحرب فقط، منها مرتبط بنمط التخطيط التنموي ومنها ما هو مرتبط بإدارة عملية التنمية نفسها وتوزعها بين المناطق، ومنها ما هو مرتبط بالحوامل الاجتماعية ومدى إشراكها في جهود التنمية، والتي شكل كلها أحد أهم الجذور الداخلية للحرب السورية.
بعد هدوء جبهات القتال وما رافق الأعمال العسكرية من استجابات إغاثية، يشي الواقع اليوم بتوافق عام على ضرورة وجود مرحلة تمهيدية بعد مرحلة الإغاثة، تسمى وفقاً لأدبيات ما بعد الصراع بـ"مرحلة التعافي المبكر"، تهدف هذه المرحلة بشكل أساسي لوقاية المجتمع السوري من الانزلاق والعودة إلى حالة الصراع المفتوح والاستعصاء بحيث لا تزيد من خطورة حدوث التقسيم الفعلي والانهيار الكامل للدولة، كما تقي من عودة استفحال خطر الإرهاب وانتشاره على مستوى الإقليم، وزيادة موجات اللجوء، وتساعده على بناء المقومات والمقدمات اللازمة للحل السياسي.
من هنا يفرض بناء الاستقرار على مستوى المجتمعات المحلية نفسه كأكثر الاستراتيجيات المنطقية القادرة على طرح حلول لبناء السلام ومنع عودة الصراع. وبما أن المعالجات تشكل نماذج مختلفة للحل على المستوى المحلي كان لابد من قراءة هذه النماذج ومحاولة بناء التكامل فيما بينها مرحلياً كونها ستشكل لاحقاً مدخلات للحل السياسي النهائي، مع عدم إغفال ضرورة أن تستجيب بمجملها إلى العوامل العميقة التي أدت لدورات متكررة من العنف في تاريخ سوريا والتي كانت ترتكز بشكل أساسي على ثالوث: احتكار القرار ومركزيته والتفتت الاجتماعي. بالتالي أي استجابة ستمر عبر ثلاثة مداخل أساسية: المشاركة؛ اللامركزية؛ والمصالحة الوطنية، وذلك عبر مداخل أساسية هي:
- إعادة بناء العلاقات الاجتماعية : التي تهدمت نتيجة الحرب وتعزيز سلاسل القيمة المجتمعية.
- بناء الثقة بمنظومات اتخاذ القرار : بما يجعل من هذه المنظومات أكثر قدرة على اتخاذ القرار بطريقة معبرة عن الاحتياجات المحلية.
- إعادة بناء منظومة العلاقات الاقتصادية: بما يعزز سلاسل القيمة الاقتصادية ويحقق مستوى مناسباً من التوظيف وتعزيز الاستثمارات الصغيرة والتخفيف من مخاطرها.
- تطوير المنظومة الإدارية والمالية: للتوافق مع متطلبات إعادة هذه العلاقات.
- التوافق على إطار سياسي: يرسخ هذه العلاقات وينظمها.
من هنا فإن البحث عن سبيل لتجنيب البلاد مآس قادمة يفترض استغلال الفرصة السانحة والملحة للاستثمار في المجتمع المدني كحامل مرن وقريب من الناس ومشاكلهم، وكفاعل جديد قديم في المجتمع قادر على لعب دور متمايز عن أطراف الصراع، وتعزيز دوره بما يحقق تمكين المجتمعات المحلية وتعزيز الإدارة المحلية لأنها شروط مسبقة للانتعاش المبكر والاجتماعي المستدام وعودة اللاجئين والنازحين داخلياً.
لذلك كله، لا يمكن تجاهل نقطتين أساسيتين:
- حاجة المجتمعات المحلية إلى التنمية، ليس بسبب تبعات الحرب فقط، وإنما أيضاً بسبب فجوات التخطيط التنموي عبر السنوات السابقة للحرب
- أن منظومة الإدارة المحلية هي المنظومة الحاكمة المتوافرة للتخطيط التنموي.
هنا يمكن أن تشكل جهود التعافي ركيزة أساسية للتنمية المحلية المتوازنة والمستدامة كوسيلة لاختراق المأزق وبناء تفاهم أولي على طريق المصالحة والتكامل بين المكونات الوطنية، وتستطيع تجاوز حالة العطالة التي تمر فيها البلاد انطلاقاً من المجتمعات المحلية عبر تطوير منظومة الحوكمة في هذه المجتمعات.
في ضوء ما سبق ركزت حركة البناء الوطني منذ العام الماضي في البحث عن سياسات اللامركزية والإدارة المحلية اللازمة لمرحلة التعافي المبكر . عملت خلالها على دراسة واقع المجتمعات المحلية إبان الدخول في مرحلة التعافي في مختلف المناطق بهدف التعرف على فرص وتحديات الانتقال إلى هذه المرحلة، وملامحها من وجهة نظر المجتمعات المحلية وكيفية تفعيل العمل عليها بالشراكة بين المجتمع المدني والإدارة المحلية.
بموازاة ذلك عملت الحركة أيضاً على تحليل البيئة التشريعية الناظمة للامركزية والإدارة المحلية من خلال مراجعة ما لا يقل عن 17 قانوناً من القوانين الأكثر التصاقاً بعمل الإدارة المحلية على المستويات المحلية والإقليمية والوطنية، وبنت خلال هذه المراجعة مصفوفة من المبادئ والوظائف والآليات والمؤشرات لقراءة القوانين، توزعت على خمس محاور: اجتماعي - اقتصادي - إداري - مالي - سياسي، وبعد ذلك عملت على مقاطعة مخرجات التحليل القانوني مع مخرجات الجلسات المحلية.
تفاصيل الجلسات الخاصة بكل محور
اليوم الأول: المحور الاجتماعي
نوقش فيها الشراكة، والعدالة الاجتماعية، التمكين والرقابة
اليوم الثاني: المحور الاقتصادي
دارت حول إدارة استثمارات المجالس المحلية، التنمية المحلية والقطاع الخاص، وآفاق التعافي على المستوى المحلي
اليوم الثالث: المحورين المالي والإداري
لمناقشة الإشكاليات الإدارية والمالية المرتبطة بتفعيل نظام الإدارة المحلية باعتباره منظومة إدارة التنمية المحلية الممكنة اليوم.
اليوم الرابع: المحورين المالي والإداري
حول نظام الموازنات المحلية والنظام الإداري للمجالس المحلية، ومخرجات المحاور (الاجتماعي، الاقتصادي، المالي، الإداري) وضرورة الربط بينها.
اليوم الخامس: المحور السياسي
استخدم هذا المخطط الزمني كجزء من سيرتك الذاتية، لتري زائريك عملك الذي قمت به في السابق.